الرسائل الإلكترونية، الوثائق، مقاطع الفيديو، وصفحات الويب –
معظمنا يعرف أن أجهزة الكمبيوتر تمثل جميع أنواع المعلومات. جميع ما هو إلا سيل من الأرقام الثنائية، 0 و 1.
كل هذة الأرقام هي كيانات رياضية ملموسة: تجسّد ويتم التحكم بها كفولتات في دوائر إلكترونية.
ولذلك، كل “بت” من البيانات لديك لها كتلة، ولو ضئيلة.
هذا يدفعنا للتساؤل: كم ستزن كل البيانات المرسلة من خلال شبكة الإنترنت في يوم عادي؟
المفتاح لمعرفة وزن الإنترنت يعتمد على فهم العملية التي تمر من خلالها كل المعلومات، سواء كنت تتحدث عن رسالة بريد إلكتروني يتم إرسالها عبر الشارع أو فيديو من كاميرا على الجانب الآخر من العالم.
من أجل السفر عبر الإنترنت، يتم تقسيم المعلومات الى حزم – قطع من البيانات يتراوح حجمها من بضع عشرات إلى أكثر من ألف بايت.
فضلا عن بيانات المعلومات المرسلة، هذه الحزم تحتوي على تفاصيل “العنوان” التي يستخدمها “الراوتر” – كمبيوتر متخصص في نقل البيانات – لتحديد أين يجب ان تذهب الحزم.
لا يهم أين يتم إرسال الحزمة أو نوع المعدات التي تمر من خلالها، هي دورة رئيسية يتم تكرارها مرارا وتكرارا حتى وصولها الى وجهتها: يتم تخزين الرسالة في ذاكرة جهاز الكمبيوتر، وتحليلها لمعرفة أين يجب أن تذهب، تشفّر البيانات بطريقة أو بأخرى للنقل (سواء كان ذلك سلكي كإلكترونات عبر كابل إيثرنت أو لاسلكيا كفوتونات تخرج من بطاقة واي فاي)، ترسل إلى الكمبيوتر التالي في السلسلة، تفك الشفرة، ومن ثم تخزن في الذاكرة، و هكذا.
الإلكترونات أو موجات الراديو التي يتم إرسالها مباشرة من الكمبيوتر الخاص بك عادة لا تسافر أبعد من بضعة مئات من الأقدام في معظم الأحيان قبل أن يتم هضمها من قبل كمبيوتر آخر.
حتى عندما ترسل الحزم ونبضات الضوء في كابلات الألياف البصرية لأميال طويلة في قاع المحيط، هناك كومبيوتر في السلسلة كل 20 ميل يسمى مكرر، و هو يقوم بالدورة الرئيسية المذكورة.
الأشياء المادية التي تتحرك من خلال شبكة الإنترنت لا تذهب بعيدا جدا.
ما يتحرك مسافة حقا – ما يحمل وزنا بالنسبة لنا – هو نمط البت الذي يمثل كل “حزمة”، والذي يحصل باستمرار في إعادة بناء ذاكرة إلكترونية من نظام بعد نظام كلما تسافر المعلومات عبر الشبكة.
اذا كنا نستطيع معرفة وزن “البتات” المرتبطة بقطعة من المعلومات عندما يتم تجميعها في ذاكرة جهاز الكمبيوتر، فسنصل لمنتصف طريق معرفة وزن الإنترنت.
في ذاكرة جهاز الكمبيوتر العادي، الشيء الذي يتذكر ما إذا كانت “البت” 1 أو 0 هو المكثف.
المكثف يحمّل على رقاقة و له القدرة على حمل كمية صغيرة من الشحنات الكهربائية.
المكثف المشحون يمثل بت ترمز لـ 1 ، المكثف غير المشحون يمثل 0.
المكثفات تحتاج كمية صغيرة من الإلكترونات حوالي 40000 إلكترون لتصبح مشحونة، وهذه الكمية صغيرة جدا: إذ أن 5.7 كوينتيليون إلكترون تتدفق من خلال المصباح الكهربائي ذو 100 وات في الثانية الواحدة.
رسالة البريد الإلكتروني التقليدية المكونة من نص و مرفق بها ملف نصي، تأخذ مساحة تقدّر بحوالي 50 كيلوبايت – 8 بتات تكوّن بايت و1،024 بايت تكوّن الكيلوبايت، هذه الرسالة مكونة من 409600 بت.
ليس كل هذه البتات شكل واحد (هي إمّا صفر أو واحد).
في المتوسط، حوالي نصف البتات سوف يكون 0 و النصف الآخر 1.
نصف هذه الرسالة سيخزن على هيئة مكثفات مشحونة، حوالي 204,800 “بت” و التي تتطلب ما مجموعه نحو 8 مليار إلكترون.
يزن الإلكترون الواحد حوالي 2×10^(-30) باوند.
و بناءا عليه، البريد الإلكتروني ذي الـ 50 كيلوبايت يزن حوالي اثنين من عشرة آلاف من كوادريليون من الاوقية (الاونصة)، و هو وزن 21،000 ذرة من عنصر الرصاص – اوقية (الاونصة) من الرصاص تحتوي على حوالي 82 مليون كوادريليون ذرة.
ولكن هذه رسالة بريد إلكتروني واحدة فقط.
كم من المعلومات – الرسائل الفورية، وتدفق الفيديو، وكل شيء آخر يمكن أن تتخيل – يمر عبر الإنترنت ككل؟
كليفورد هوليداي، مؤلف متخصص في مجال نمو الانترنت، يقدر المبلغ الإجمالي لحركة الإنترنت من خلال النظر في نشاط اتصالات المستخدم النهائي، مثل خطوط dial-up ، DSL، و اتصالات الألياف الضوئية.
الاتصالات واسعة النطاق للمنازل والشركات، مثل DSL ومودم الكابل، هي المسؤولة عن توليد أكثر الحمل.
هوليداي قطع شوطا طويلا نحو اكتشاف أن 75 في المئة من جميع حركة المرور على الإنترنت هو بسبب تقاسم الملفات (المشاركة أو file sharing)، مع 59 في المئة من الملفات المتقاسمة تنسب إلى ملفات الفيديو.
في حين أن تقاسم المقطوعات الموسيقية يشكّل 33 في المئة من حركة تبادل الملفات.
البريد الإلكتروني، كما تبين، يمثل 9 في المائة فقط من إجمالي حركة المرور.
وهذا المجموع هو … 40 بيتابايت، أو 40 X 10^15 بايت: أي 4 تليها 16 صفر.
أخذنا رقم هوليداي (40 بيتابايت) و أدرجناه في الصيغة المستخدمة في حساب كتلة أو وزن البريد الإلكتروني ذي 50 كيلوبايت و توصلنا لنتيجة.. 1.3X10^-8 باوند.
وزن الإنترنت يصل إلى حوالي 0.2 من المليون من الاوقية (الاونصة).
كل رسائل الحب، والعقود التجارية، والبريد المزعج، والالتماسات، نشرات الطوارئ، والمواد الإباحية، وإعلانات الزفاف، البرامج التلفزيونية، والأخبار، وخطط الإجازات، والأفلام المنزلية، والنشرات الصحفية، وصفحات المشاهير، الأوامر العسكرية والموسيقى – كل ظل وجانب من جوانب الحياة البشرية المشفرة كرقمين 1 و 0.
كلها معا، تزن تقريبا نفس وزن حبة من حبات الرمل، قطرها لا يتعدى الإثنين من الألف من الشبر.
مطلع قصيدة للشاعر ويليام بلايك في عام (1803)،
عندما قال فيها “لأرى العالم في حبة رمل”، كان يبدو أنه أكثر تنبأ مما كان يمكن أن يعرف.